الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: مجموع فتاوى ابن تيمية **
وتارة لكون معناه في لغته وعرفه غير معناه في لغة النبي صلى الله عليه وسلم وهو يحمله على ما يفهمه في لغته بناء على أن الأصل بقاء اللغة كما سمع بعضهم آثارا في الرخصة في النبيذ فظنوه بعض أنواع المسكر، لأنه لغتهم وإنما هو ما ينبذ لتحلية الماء قبل أن يشتد، فإنه جاء مفسرا في أحاديث كثيرة صحيحة. وسمعوا لفظ الخمر في الكتاب والسنة فاعتقدوه عصير العنب المشتد خاصة بناء على أنه كذلك في اللغة وإن كان قد جاء من الأحاديث أحاديث صحيحة تبين أن الخمر اسم لكل شراب مسكر. وتارة لكون اللفظ مشتركا أو مجملا، أو مترددا بين حقيقة ومجاز، فيحمله على الأقرب عنده وإن كان المراد هو الآخر كما حمل جماعة من الصحابة في أول الأمر الخيط الأبيض والخيط الأسود على الحبل وكما حمل آخرون قوله: وتارة يعين أحدها بأن يعتقد أنه منسوخ، أو أنه مؤول. ثم قد يغلط في النسخ فيعتقد المتأخر متقدما وقد يغلط في التأويل بأن يحمل الحديث على ما لا يحتمله لفظه أو هناك ما يدفعه وإذا عارضه من حيث الجملة فقد لا يكون ذلك المعارض دالا وقد لا يكون الحديث المعارض في قوة الأول إسنادا أو متنا وتجيء هنا الأسباب المتقدمة وغيرها في الحديث الأول والإجماع المدعي في الغالب إنما هو عدم العلم بالمخالف. وقد وجدنا من أعيان العلماء من صاروا إلى القول بأشياء متمسكهم فيها عدم العلم بالمخالف مع أن ظاهر الأدلة عندهم يقتضي خلاف ذلك لكن لا يمكن العالم أن يبتدئ قولا لم يعلم به قائلا، مع علمه بأن الناس قد قالوا خلافه حتى إن منهم من يعلق القول فيقول: إن كان في المسألة إجماع فهو أحق ما يتبع وإلا فالقول عندي كذا وكذا وذلك مثل من يقول: لا أعلم أحدا أجاز شهادة العبد. وقبولها محفوظ عن علي وأنس وشريح وغيرهم ويقول: أجمعوا على أن المعتق بعضه لا يرث وتوريثه محفوظ عن علي وابن مسعود وفيه حديث حسن عن النبي صلى الله عليه وسلم. ويقول آخر: لا أعلم أحدا أوجب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة وإيجابها محفوظ عن أبي جعفر الباقر، وذلك أن غاية كثير من العلماء أن يعلم قول أهل العلم الذين أدركهم في بلاده وأقوال جماعات غيرهم كما تجد كثيرا من المتقدمين لا يعلم إلا قول المدنيين والكوفيين وكثير من المتأخرين لا يعلم إلا قول اثنين أو ثلاثة من الأئمة المتبوعين وما خرج عن ذلك فإنه عنده يخالف الإجماع، لأنه لا يعلم به قائلا وما زال يقرع سمعه خلافه فهذا لا يمكنه أن يصير إلى حديث يخالف هذا، لخوفه أن يكون هذا خلافا للإجماع أو لاعتقاده أنه مخالف للإجماع والإجماع أعظم الحجج. وهذا عذر كثير من الناس في كثير مما يتركونه وبعضهم معذور فيه حقيقة، وبعضهم معذور فيه وليس في الحقيقة بمعذور وكذلك كثير من الأسباب قبله وبعده. وللشافعي في هذه القاعدة كلام معروف ولأحمد فيها رسالته المشهورة في الرد على من يزعم الاستغناء بظاهر القرآن عن تفسير سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أورد فيها من الدلائل ما يضيق هذا الموضع عن ذكره. ومن ذلك دفع الخبر الذي فيه تخصيص لعموم الكتاب أو تقييد لمطلقه أو فيه زيادة عليه واعتقاد من يقول ذلك أن الزيادة على النص كتقييد المطلق نسخ وأن تخصيص العام نسخ وكمعارضة طائفة من المدنيين الحديث الصحيح بعمل أهل المدينة بناء على أنهم مجمعون على مخالفة الخبر وأن إجماعهم حجة مقدمة على الخبر كمخالفة أحاديث خيار المجلس بناء على هذا الأصل وإن كان أكثر الناس قد يثبتون أن المدنيين قد اختلفوا في تلك المسألة وأنهم لو أجمعوا وخالفهم غيرهم لكانت الحجة في الخبر. وكمعارضة قوم من البلدين بعض الأحاديث بالقياس الجلي بناء على أن القواعد الكلية لا تنقض بمثل هذا الخبر. إلى غير ذلك من أنواع المعارضات سواء كان المعارض مصيبا أو مخطئا. فهذه الأسباب العشرة ظاهرة وفي كثير من الأحاديث يجوز أن يكون للعالم حجة في ترك العمل بالحديث لم نطلع نحن عليها، فإن مدارك العلم واسعة ولم نطلع نحن على جميع ما في بواطن العلماء والعالم قد يبدي حجته وقد لا يبديها وإذا أبداها فقد تبلغنا وقد لا تبلغ وإذا بلغتنا فقد ندرك موضع احتجاجه وقد لا ندركه سواء كانت الحجة صوابا في نفس الأمر أم لا لكن نحن وإن جوزنا هذا فلا يجوز لنا أن نعدل عن قول ظهرت حجته بحديث صحيح وافقه طائفة من أهل العلم، إلى قول آخر قاله عالم يجوز أن يكون معه ما يدفع به هذه الحجة وإن كان أعلم، إذ تطرق الخطأ إلى آراء العلماء أكثر من تطرقه إلى الأدلة الشرعية فإن الأدلة الشرعية حجة الله على جميع عباده بخلاف رأي العالم. والدليل الشرعي يمتنع أن يكون خطأ إذا لم يعارضه دليل آخر ورأي العالم ليس كذلك ولو كان العمل بهذا التجويز جائزا لما بقي في أيدينا شيء من الأدلة التي يجوز فيها مثل هذا لكن الغرض أنه في نفسه قد يكون معذورا في تركه له ونحن معذورون في تركنا لهذا الترك وقد قال سبحانه: وليس لأحد أن يعارض الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بقول أحد من الناس كما قال ابن عباس رضي الله عنهما لرجل سأله عن مسألة فأجابه فيها بحديث فقال له: قال أبو بكر وعمر فقال ابن عباس: يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء أقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقولون قال أبو بكر وعمر؟ وإذا كان الترك يكون لبعض هذه الأسباب، فإذا جاء حديث صحيح فيه تحليل أو تحريم أو حكم، فلا يجوز أن يعتقد أن التارك له من العلماء الذين وصفنا أسباب تركهم يعاقب، لكونه حلل الحرام أو حرم الحلال، أو حكم بغير ما أنزل الله. وكذلك إن كان في الحديث وعيد على فعل: من لعنة أو غضب أو عذاب ونحو ذلك، فلا يجوز أن يقال: إن ذلك العالم الذي أباح هذا أو فعله داخل في هذا الوعيد. وهذا مما لا نعلم بين الأمة فيه خلافا إلا شيئا يحكى عن بعض معتزلة بغداد مثل المريسي وأضرابه: أنهم زعموا أن المخطئ من المجتهدين يعاقب على خطئه وهذا لأن لحوق الوعيد لمن فعل المحرم مشروط بعلمه بالتحريم، أو بتمكنه من العلم بالتحريم، فإن من نشأ ببادية أو كان حديث عهد بالإسلام وفعل شيئا من المحرمات غير عالم بتحريمها لم يأثم ولم يحد وإن لم يستند في استحلاله إلى دليل شرعي. فمن لم يبلغه الحديث المحرم واستند في الإباحة إلى دليل شرعي أولى أن يكون معذورا، ولهذا كان هذا مأجورا محمودا لأجل اجتهاده قال الله سبحانه: وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لأصحابه عام الخندق: (لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة فأدركتهم صلاة العصر في الطريق فقال بعضهم: لا نصلي إلا في بني قريظة وقال بعضهم: لم يرد منا هذا، فصلوا في الطريق. فلم يعب واحدة من الطائفتين) فالأولون تمسكوا بعموم الخطاب فجعلوا صورة الفوات داخلة في العموم والآخرون كان معهم من الدليل ما يوجب خروج هذه الصورة عن العموم فإن المقصود المبادرة إلى القوم. وهي مسألة اختلف فيها الفقهاء اختلافا مشهورا: هل يخص العموم بالقياس؟ ومع هذا فالذين صلوا في الطريق كانوا أصوب. وكذلك (بلال رضي الله عنه لما باع الصاعين بالصاع أمره النبي صلى الله عليه وسلم برده) ولم يرتب على ذلك حكم آكل الربا من التفسيق واللعن والتغليظ لعدم علمه بالتحريم, وكذلك عدي بن حاتم وجماعة من الصحابة لما اعتقدوا أن قوله تعالى: وكذلك (لم يوجب على أسامة بن زيد قودا ولا دية ولا كفارة لما قتل الذي قال: لا إله إلا الله في غزوة الحرقات); فإنه كان معتقدا جواز قتله بناء على أن هذا الإسلام ليس بصحيح مع أن قتله حرام. وعمل بذلك السلف وجمهور الفقهاء في أن ما استباحه أهل البغي من دماء أهل العدل بتأويل سائغ لم يضمن بقود ولا دية ولا كفارة، وإن كان قتلهم وقتالهم محرما. وهذا الشرط الذي ذكرناه في لحوق الوعيد لا يحتاج أن يذكر في كل خطاب، لاستقرار العلم به في القلوب كما أن الوعد على العمل مشروط بإخلاص العمل لله، وبعدم حبوط العمل بالردة ثم إن هذا الشرط لا يذكر في كل حديث فيه وعد. ثم حيث قدر قيام الموجب للوعيد فإن الحكم يتخلف عنه لمانع وموانع لحوق الوعيد متعددة: منها التوبة ومنها الاستغفار ومنها الحسنات الماحية للسيئات ومنها بلاء الدنيا ومصائبها ومنها شفاعة شفيع مطاع ومنها رحمة أرحم الراحمين. فإذا عدمت هذه الأسباب كلها ولن تعدم إلا في حق من عتا وتمرد وشرد على الله شراد البعير على أهله فهنالك يلحق الوعيد به، وذلك أن حقيقة الوعيد بيان أن هذا العمل سبب في هذا العذاب فيستفاد من ذلك تحريم الفعل وقبحه أما أن كل شخص قام به ذلك السبب يجب وقوع ذلك المسبب به فهذا باطل قطعا، لتوقف ذلك المسبب على وجود الشرط وزوال جميع الموانع. وإيضاح هذا أن من ترك العمل بحديث فلا يخلو من ثلاثة أقسام: إما أن يكون تركا جائزا باتفاق المسلمين كالترك في حق من لم يبلغه، ولا قصر في الطلب مع حاجته إلى الفتيا أو الحكم كما ذكرناه عن الخلفاء الراشدين وغيرهم فهذا لا يشك مسلم أن صاحبه لا يلحقه من معرة الترك شيء، وإما أن يكون تركا غير جائز فهذا لا يكاد يصدر من الأئمة إن شاء الله تعالى لكن قد يخاف على بعض العلماء أن يكون الرجل قاصرا في درك تلك المسألة: فيقول مع عدم أسباب القول وإن كان له فيها نظر واجتهاد أو يقصر في الاستدلال فيقول قبل أن يبلغ النظر نهايته مع كونه متمسكا بحجة أو يغلب عليه عادة أو غرض يمنعه من استيفاء النظر لينظر فيما يعارض ما عنده وإن كان لم يقل إلا بالاجتهاد والاستدلال فإن الحد الذي يجب أن ينتهي إليه الاجتهاد قد لا ينضبط للمجتهد. ولهذا كان العلماء يخافون مثل هذا خشية ألا يكون الاجتهاد المعتبر قد وجد في تلك المسألة المخصوصة فهذه ذنوب، لكن لحوق عقوبة الذنب بصاحبه إنما تنال لمن لم يتب وقد يمحوها الاستغفار والإحسان والبلاء والشفاعة والرحمة ولم يدخل في هذا من يغلبه الهوى ويصرعه حتى ينصر ما يعلم أنه باطل أو من يجزم بصواب قول أو خطئه من غير معرفة منه بدلائل ذلك القول نفيا وإثباتا، فإن هذين في النار كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (القضاة ثلاثة: قاضيان في النار وقاض في الجنة فأما الذي في الجنة فرجل علم الحق فقضى به وأما اللذان في النار فرجل قضى للناس على جهل ورجل علم الحق وقضى بخلافه) والمفتون كذلك. لكن لحوق الوعيد للشخص المعين أيضا له موانع كما بيناه فلو فرض وقوع بعض هذا من بعض الأعيان من العلماء المحمودين عند الأمة - مع أن هذا بعيد أو غير واقع - لم يعدم أحدهم أحد هذه الأسباب، ولو وقع لم يقدح في إمامتهم على الإطلاق فإنا لا نعتقد في القوم العصمة بل تجوز عليهم الذنوب ونرجو لهم مع ذلك أعلى الدرجات، لما اختصهم الله به من الأعمال الصالحة والأحوال السنية وإنهم لم يكونوا مصرين على ذنب وليسوا بأعلى درجة من الصحابة رضي الله عنهم والقول فيهم كذلك فيما اجتهدوا فيه من الفتاوى والقضايا والدماء التي كانت بينهم وغير ذلك. ثم إنهم مع العلم بأن التارك الموصوف معذور بل مأجور لا يمنعنا أن نتبع الأحاديث الصحيحة التي لا نعلم لها معارضا يدفعها وأن نعتقد وجوب العمل على الأمة ووجوب تبليغها. وهذا مما لا يختلف العلماء فيه. ثم هي منقسمة إلى: ما دلالته قطعية، بأن يكون قطعي السند والمتن وهو ما تيقنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاله وتيقنا أنه أراد به تلك الصورة. وإلى ما دلالته ظاهرة غير قطعية. فأما الأول فيجب اعتقاد موجبه علما وعملا، وهذا مما لا خلاف فيه بين العلماء في الجملة وإنما قد يختلفون في بعض الأخبار هل هو قطعي السند أو ليس بقطعي؟ وهل هو قطعي الدلالة أو ليس بقطعي؟ مثل اختلافهم في خبر الواحد الذي تلقته الأمة بالقبول والتصديق أو الذي اتفقت على العمل به فعند عامة الفقهاء وأكثر المتكلمين أنه يفيد العلم وذهب طوائف من المتكلمين إلى أنه لا يفيده. وكذلك الخبر المروي من عدة جهات يصدق بعضها بعضا من أناس مخصوصين قد تفيد العلم اليقيني لمن كان عالما بتلك الجهات، وبحال أولئك المخبرين، وبقرائن وضمائم تحتف بالخبر وإن كان العلم بذلك الخبر لا يحصل لمن لم يشركه في ذلك. ولهذا كان علماء الحديث الجهابذة فيه المتبحرون في معرفته قد يحصل لهم اليقين التام بأخبار، وإن كان غيرهم من العلماء قد لا يظن صدقها فضلا عن العلم بصدقها ومبنى هذا على أن الخبر المفيد للعلم يفيده من كثرة المخبرين تارة ومن صفات المخبرين أخرى ومن نفس الإخبار به أخرى ومن نفس إدراك المخبر له أخرى ومن الأمر المخبر به أخرى فرب عدد قليل أفاد خبرهم العلم لما هم عليه من الديانة والحفظ الذي يؤمن معه كذبهم أو خطؤهم وأضعاف ذلك العدد من غيرهم قد لا يفيد العلم. هذا هو الحق الذي لا ريب فيه وهو قول جمهور الفقهاء والمحدثين وطوائف من المتكلمين. وذهب طوائف من المتكلمين وبعض الفقهاء إلى أن كل عدد أفاد العلم خبرهم بقضية أفاد خبر مثل ذلك العدد العلم في كل قضية وهذا باطل قطعا لكن ليس هذا موضع بيان ذلك. فأما تأثير القرائن الخارجة عن المخبرين في العلم بالخبر فلم نذكره، لأن تلك القرائن قد تفيد العلم لو تجردت عن الخبر وإذا كانت بنفسها قد تفيد العلم لم تجعل تابعة للخبر على الإطلاق كما لم يجعل الخبر تابعا لها بل كل منهما طريق إلى العلم تارة وإلى الظن أخرى وإن اتفق اجتماع ما يوجب العلم به منهما أو اجتماع موجب العلم من أحدهما وموجب الظن من الآخر وكل من كان بالأخبار أعلم قد يقطع بصدق أخبار لا يقطع بصدقها من ليس مثله وتارة يختلفون في كون الدلالة قطعية لاختلافهم في أن ذلك الحديث: هل هو نص أو ظاهر؟ وإذا كان ظاهرا فهل فيه ما ينفي الاحتمال المرجوح أو لا؟ وهذا أيضا باب واسع فقد يقطع قوم من العلماء بدلالة أحاديث لا يقطع بها غيرهم إما لعلمهم بأن الحديث لا يحتمل إلا ذلك المعنى أو لعلمهم بأن المعنى الآخر يمنع حمل الحديث عليه أو لغير ذلك من الأدلة الموجبة للقطع. وأما القسم الثاني وهو الظاهر فهذا يجب العمل به في الأحكام الشرعية باتفاق العلماء المعتبرين فإن كان قد تضمن حكما علميا مثل الوعيد ونحوه فقد اختلفوا فيه: فذهب طوائف من الفقهاء إلى أن خبر الواحد العدل إذا تضمن وعيدا على فعل فإنه يجب العمل به في تحريم ذلك الفعل ولا يعمل به في الوعيد إلا أن يكون قطعيا وكذلك لو كان المتن قطعيا لكن الدلالة ظاهرة وعلى هذا حملوا قول عائشة رضي الله عنها: أبلغي زيدا أنه قد أبطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن يتوب قالوا: فعائشة ذكرت الوعيد لأنها كانت عالمة به ونحن نعمل بخبرها في التحريم وإن كنا لا نقول بهذا الوعيد لأن الحديث إنما ثبت عندنا بخبر واحد. وحجة هؤلاء أن الوعيد من الأمور العلمية، فلا تثبت إلا بما يفيد العلم وأيضا فإن الفعل إذا كان مجتهدا في حكمه لم يلحق فاعله الوعيد. فعلى قول هؤلاء يحتج بأحاديث الوعيد في تحريم الأفعال مطلقا ولا يثبت بها الوعيد إلا أن تكون الدلالة قطعية ومثله احتجاج أكثر العلماء بالقراءات التي صحت عن بعض الصحابة مع كونها ليست في مصحف عثمان رضي الله عنه فإنها تضمنت عملا وعلما وهي خبر واحد صحيح فاحتجوا بها في إثبات العمل ولم يثبتوها قرآنا لأنها من الأمور العلمية التي لا تثبت إلا بيقين. وذهب الأكثرون من الفقهاء وهو قول عامة السلف إلى أن هذه الأحاديث حجة في جميع ما تضمنته من الوعيد، فإن أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ والتابعين بعدهم ما زالوا يثبتون بهذه الأحاديث الوعيد كما يثبتون بها العمل ويصرحون بلحوق الوعيد الذي فيها للفاعل في الجملة وهذا منتشر عنهم في أحاديثهم وفتاويهم وذلك لأن الوعيد من جملة الأحكام الشرعية التي ثبتت بالأدلة الظاهرة تارة وبالأدلة القطعية أخرى، فإنه ليس المطلوب اليقين التام بالوعيد بل المطلوب الاعتقاد الذي يدخل في اليقين والظن الغالب كما أن هذا هو المطلوب في الأحكام العملية. ولا فرق بين اعتقاد الإنسان أن الله حرم هذا وأوعد فاعله بالعقوبة المجملة واعتقاده أن الله حرمه وأوعده عليه بعقوبة معينة من حيث إن كلا منهما إخبار عن الله فكما جاز الإخبار عنه بالأول بمطلق الدليل فكذلك الإخبار عنه بالثاني بل لو قال قائل: العمل بها في الوعيد أوكد، كان صحيحا. ولهذا كانوا يسهلون في أسانيد أحاديث الترغيب والترهيب ما لا يسهلون في أسانيد أحاديث الأحكام، لأن اعتقاد الوعيد يحمل النفوس على الترك فإن كان ذلك الوعيد حقا كان الإنسان قد نجا وإن لم يكن الوعيد حقا بل عقوبة الفعل أخف من ذلك الوعيد لم يضر الإنسان إذا ترك ذلك الفعل خطؤه في اعتقاده زيادة العقوبة لأنه إن اعتقد نقص العقوبة فقد يخطئ أيضا وكذلك إن لم يعتقد في تلك الزيادة نفيا ولا إثباتا فقد يخطئ فهذا الخطأ قد يهون الفعل عنده فيقع فيه فيستحق العقوبة الزائدة إن كانت ثابتة أو يقوم به سبب استحقاق ذلك. فإذا الخطأ في الاعتقاد على التقديرين تقدير اعتقاد الوعيد وتقدير عدمه سواء والنجاة من العذاب على تقدير اعتقاد الوعيد أقرب فيكون هذا التقدير أولى. وبهذا الدليل رجح عامة العلماء الدليل الحاظر على الدليل المبيح وسلك كثير من الفقهاء دليل الاحتياط في كثير من الأحكام بناء على هذا وأما الاحتياط في الفعل فكالمجمع على حسنه بين العقلاء في الجملة فإذا كان خوفه من الخطإ بنفي اعتقاد الوعيد مقابلا لخوفه من الخطإ في عدم هذا الاعتقاد: بقي الدليل الموجب لاعتقاده والنجاة الحاصلة في اعتقاده دليلين سالمين عن المعارض. وليس لقائل أن يقول عدم الدليل القطعي على الوعيد دليل على عدمه كعدم الخبر المتواتر على القراءات الزائدة على ما في المصحف، لأن عدم الدليل لا يدل على عدم المدلول عليه ومن قطع بنفي شيء من الأمور العلمية لعدم الدليل القاطع على وجودها كما هو طريقة طائفة من المتكلمين فهو مخطئ خطأ بينا لكن إذا علمنا أن وجود الشيء مستلزم لوجود الدليل وعلمنا عدم الدليل وقطعنا بعدم الشيء المستلزم لأن عدم اللازم دليل على عدم الملزوم وقد علمنا أن الدواعي متوفرة على نقل كتاب الله ودينه فإنه لا يجوز على الأمة كتمان ما يحتاج إلى نقله حجة عامة فلما لم ينقل نقلا عاما صلاة سادسة ولا سورة أخرى علمنا يقينا عدم ذلك. وباب الوعيد ليس من هذا الباب، فإنه لا يجب في كل وعيد على فعل أن ينقل نقلا متواترا كما لا يجب ذلك في حكم ذلك الفعل فثبت أن الأحاديث المتضمنة للوعيد يجب العمل بها في مقتضاها: باعتقاد أن فاعل ذلك الفعل متوعد بذلك الوعيد لكن لحوق الوعيد به متوقف على شروط، وله موانع. وهذه القاعدة تظهر بأمثلة منها أنه قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لعن الله آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه) وصح عنه من غير وجه أنه (قال لمن باع صاعين بصاع يدا بيد: أوه عين الربا) كما قال: (البر بالبر ربا إلا هاء وهاء) الحديث وهذا يوجب دخول نوعي الربا: ربا الفضل وربا النسأ في الحديث. ثم إن الذين بلغهم قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الربا في النسيئة) فاستحلوا بيع الصاعين بالصاع يدا بيد، مثل ابن عباس رضي الله عنه، وأصحابه: أبي الشعثاء، وعطاء، وطاوس، وسعيد بن جبير وعكرمة، وغيرهم من أعيان المكيين الذين هم من صفوة الأمة علما وعملا: لا يحل لمسلم أن يعتقد أن أحدا منهم بعينه أو من قلده بحيث يجوز تقليده: تبلغهم لعنة آكل الربا، لأنهم فعلوا ذلك متأولين تأويلا سائغا في الجملة. وكذلك ما نقل عن طائفة من فضلاء المدنيين من إتيان المحاش مع ما رواه أبو داود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من أتى امرأة في دبرها فهو كافر بما أنزل على محمد) أفيستحل مسلم أن يقول إن فلانا وفلانا كانا كافرين بما أنزل على محمد وكذلك (قد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه لعن في الخمر عشرة: عاصر الخمر ومعتصرها وشاربها). وثبت عنه من وجوه أنه قال: (كل شراب أسكر فهو خمر) وقال: (كل مسكر خمر). وخطب عمر رضي الله عنه على منبره صلى الله عليه وسلم فقال بين المهاجرين والأنصار: الخمر ما خامر العقل. وأنزل الله تحريم الخمر وكان سبب نزولها ما كانوا يشربونه في المدينة ولم يكن لهم شراب إلا الفضيخ لم يكن لهم من خمر الأعناب شيء. وقد كان رجال من أفاضل الأمة علما وعملا من الكوفيين يعتقدون أن لا خمر إلا من العنب وأن ما سوى العنب والتمر لا يحرم من نبيذه إلا مقدار ما يسكر ويشربون ما يعتقدون حله. فلا يجوز أن يقال: إن هؤلاء مندرجون تحت الوعيد لما كان لهم من العذر الذي تأولوا به أو لموانع أخر فلا يجوز أن يقال: إن الشراب الذي شربوه ليس من الخمر الملعون شاربها فإن سبب القول العام لا بد أن يكون داخلا فيه ولم يكن بالمدينة خمر من العنب ثم (إن النبي صلى الله عليه وسلم قد لعن البائع للخمر) وقد باع بعض الصحابة خمرا حتى بلغ عمر فقال: قاتل الله فلانا ألم يعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها) ولم يكن يعلم أن بيعها محرم ولم يمنع عمر رضي الله عنه علمه بعدم علمه أن يبين جزاء هذا الذنب، ليتناهى هو وغيره عنه بعد بلوغ العلم به. وقد لعن العاصر والمعتصر، وكثير من الفقهاء يجوزون للرجل أن يعصر لغيره عنبا وإن علم أن من نيته أن يتخذه خمرا فهذا نص في لعن العاصر مع العلم بأن المعذور تخلف الحكم عنه لمانع. وكذلك لعن الواصلة والموصولة في عدة أحاديث صحاح ثم من الفقهاء من يكرهه فقط. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الذي يشرب في آنية الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم) ومن الفقهاء من يكرهه كراهة تنزيه. وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار) يجب العمل به في تحريم قتال المؤمنين بغير حق ثم إنا نعلم أن أهل الجمل وصفين ليسوا في النار، لأن لهما عذرا وتأويلا في القتال وحسنات منعت المقتضي أن يعمل عمله. وقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الحديث الصحيح: (ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: رجل على فضل ماء يمنعه ابن السبيل فيقول الله له: اليوم أمنعك فضلي كما منعت فضل ما لم تعمل يداك ورجل بايع إماما لا يبايعه إلا لدنيا إن أعطاه رضي وإن لم يعطه سخط ورجل حلف على سلعة بعد العصر كاذبا: لقد أعطي بها أكثر مما أعطي) فهذا وعيد عظيم لمن منع فضل مائه مع أن طائفة من العلماء يجوزون للرجل أن يمنع فضل مائه. فلا يمنعنا هذا الخلاف أن نعتقد تحريم هذا محتجين بالحديث ولا يمنعنا مجيء الحديث أن نعتقد أن المتأول معذور في ذلك لا يلحقه هذا الوعيد. وقال صلى الله عليه وسلم: (لعن الله المحلل والمحلل له). وهو حديث صحيح قد روي عنه من غير وجه وعن أصحابه مع أن طائفة من العلماء صححوا نكاح المحلل مطلقا. ومنهم من صححه إذا لم يشترط في العقد ولهم في ذلك أعذار معروفة، فإن قياس الأصول عند الأول أن النكاح لا يبطل بالشروط، كما لا يبطل بجهالة أحد العوضين وقياس الأصول عند الثاني أن العقود المجردة عن شرط مقترن لا تغير أحكام العقود، ولم يبلغ هذا الحديث من قال هذا القول. هذا هو الظاهر، فإن كتبهم المتقدمة لم تتضمنه ولو بلغهم لذكروه آخذين به أو مجيبين عنه، أو بلغهم وتأولوه، أو اعتقدوا نسخه، أو كان عندهم ما يعارضه فنحن نعلم أن مثل هؤلاء لا يصيبه هذا الوعيد لو أنه فعل التحليل معتقدا حله على هذا الوجه ولا يمنعنا ذلك أن نعلم أن التحليل سبب لهذا الوعيد وإن تخلف في حق بعض الأشخاص لفوات شرط أو وجود مانع. وكذلك استلحاق معاوية رضي الله عنه زياد بن أبيه المولود على فراش الحارث بن كلدة، لكون أبي سفيان كان يقول: إنه من نطفته مع أنه صلى الله عليه وسلم قد قال: (من ادعي إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام) وقال: (من ادعي إلى غير أبيه أو تولى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا) حديث صحيح. وقضى أن الولد للفراش وهو من الأحكام المجمع عليها فنحن نعلم أن من انتسب إلى غير الأب الذي هو صاحب الفراش فهو داخل في كلام الرسول صلى الله عليه وسلم مع أنه لا يجوز أن يعين أحد دون الصحابة فضلا عن الصحابة فيقال: إن هذا الوعيد لاحق به لإمكان أنه لم يبلغهم قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن الولد للفراش واعتقدوا أن الولد لمن أحبل أمه واعتقدوا أن أبا سفيان هو المحبل لسمية أم زياد فإن هذا الحكم قد يخفى على كثير من الناس لا سيما قبل انتشار السنة مع أن العادة في الجاهلية كانت هكذا، أو لغير ذلك من الموانع المانعة هذا المقتضي للوعيد أن يعمل عمله: من حسنات تمحو السيئات وغير ذلك. وهذا باب واسع، فإنه يدخل فيه جميع الأمور المحرمة بكتاب أو سنة إذا كان بعض الأمة لم يبلغهم أدلة التحريم فاستحلوها أو عارض تلك الأدلة عندهم أدلة أخرى رأوا رجحانها عليها مجتهدين في ذلك الترجيح بحسب عقلهم وعلمهم، فإن التحريم له أحكام من التأثيم والذم والعقوبة والفسق وغير ذلك لكن لها شروط وموانع فقد يكون التحريم ثابتا وهذه الأحكام منتفية لفوات شرطها أو وجود مانع، أو يكون التحريم منتفيا في حق ذلك الشخص مع ثبوته في حق غيره. وإنما رددنا الكلام لأن للناس في هذه المسألة قولين: [أحدهما] - وهو قول عامة السلف والفقهاء -: أن حكم الله واحد وأن من خالفه باجتهاد سائغ مخطئ معذور مأجور فعلى هذا يكون ذلك الفعل الذي فعله المتأول بعينه حراما لكن لا يترتب أثر التحريم عليه لعفو الله عنه فإنه لا يكلف نفسا إلا وسعها. [والثاني]: في حقه ليس بحرام لعدم بلوغ دليل التحريم له، وإن كان حراما في حق غيره فتكون نفس حركة ذلك الشخص ليست حراما. والخلاف متقارب وهو شبيه بالاختلاف في العبارة. فهذا هو الذي يمكن أن يقال في أحاديث الوعيد إذا صادفت محل خلاف إذ العلماء مجمعون على الاحتجاج في تحريم الفعل المتوعد عليه سواء كان محل وفاق أو خلاف بل أكثر ما يحتاجون إليه الاستدلال بها في موارد الخلاف لكن اختلفوا في الاستدلال بها على الوعيد إذا لم تكن قطعية على ما ذكرناه. [أحدها]: أن جنس التحريم إما أن يكون ثابتا في محل خلاف أو لا يكون فإن لم يكن ثابتا في محل خلاف قط لزم أن لا يكون حراما إلا ما أجمع على تحريمه فكل ما اختلف في تحريمه يكون حلالا وهذا مخالف لإجماع الأمة وهو معلوم البطلان بالاضطرار من دين الإسلام. وإن كان ثابتا ولو في صورة فالمستحل لذلك الفعل المحرم من المجتهدين إما أن يلحقه ذم من حلل الحرام أو فعله وعقوبته أو لا؟ فإن قيل: إنه يلحقه، أو قيل: إنه لا يلحقه: فكذلك التحريم الثابت في حديث الوعيد اتفاقا والوعيد الثابت في محل الخلاف على ما ذكرناه من التفصيل بل الوعيد إنما جاء على الفاعل وعقوبة محلل الحرام في الأصل أعظم من عقوبة فاعله من غير اعتقاد , فإذا جاز أن يكون التحريم ثابتا في صورة الخلاف ولا يلحق المحلل المجتهد عقوبة ذلك الإحلال للحرام، لكونه معذورا فيه، فلأن لا يلحق الفاعل وعيد ذلك الفعل أولى وأحرى. وكما لم يلزم دخول المجتهد تحت حكم هذا التحريم من الذم والعقاب وغير ذلك: لم يلزم دخوله تحت حكمه من الوعيد، إذ ليس الوعيد إلا نوعا من الذم والعقاب فإن جاز دخوله تحت هذا الجنس فما كان الجواب عن بعض أنواعه كان جوابا عن البعض الآخر ولا يغني الفرق بقلة الذم وكثرته، أو شدة العقوبة وخفتها، فإن المحذور في قليل الذم والعقاب في هذا المقام كالمحذور في كثيره فإن المجتهد لا يلحقه قليل ذلك ولا كثيره بل يلحقه ضد ذلك من الأجر والثواب. [الثاني]: أن كون حكم الفعل مجمعا عليه أو مختلفا فيه أمور خارجة عن الفعل وصفاته وإنما هي أمور إضافية بحسب ما عرض لبعض العلماء من عدم العلم. واللفظ العام إن أريد به الخاص فلا بد من نصب دليل يدل على التخصيص إما مقترن بالخطاب عند من لا يجوز تأخير البيان وإما موسع في تأخيره إلى حين الحاجة عند الجمهور. ولا شك أن المخاطبين بهذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا محتاجين إلى معرفة حكم الخطاب فلو كان المراد باللفظ العام في لعنة آكل الربا والمحلل ونحوهما المجمع على تحريمه - وذلك لا يعلم إلا بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم وتكلم الأمة في جميع أفراد ذلك العام - لكان قد أخر بيان كلامه إلى أن تكلم جميع الأمة في جميع أفراده وهذا لا يجوز. [الثالث]: أن هذا الكلام إنما خوطبت الأمة به لتعرف الحرام فتجتنبه ويستندون في إجماعهم إليه، ويحتجون في نزاعهم به فلو كانت الصورة المرادة هي ما أجمعوا عليه فقط لكان العلم بالمراد موقوفا على الإجماع فلا يصح الاحتجاج به قبل الإجماع فلا يكون مستندا للإجماع لأن مستند الإجماع يجب أن يكون متقدما عليه فيمتنع تأخره عنه فإنه يفضي إلى الدور الباطل فإن أهل الإجماع حينئذ لا يمكنهم الاستدلال بالحديث على صورة حتى يعلموا أنها مرادة ولا يعلمون أنها مرادة حتى يجتمعوا فصار الاستدلال موقوفا على الإجماع قبله والإجماع موقوفا على الاستدلال قبله إذا كان الحديث هو مستندهم فيكون الشيء موقوفا على نفسه فيمتنع وجوده ولا يكون حجة في محل الخلاف لأنه لم يرد وهذا تعطيل للحديث عن الدلالة على الحكم في محل الوفاق والخلاف وذلك مستلزم أن لا يكون شيء من النصوص التي فيها تغليظ للفعل أفادنا تحريم ذلك الفعل وهذا باطل قطعا.
|